كتب شانون بوش أنّ إسرائيل نفّذت غارة جوية استهدفت قيادة حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء، وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص بينهم نجل قيادي بارز في الحركة. وواجهت العملية إدانات دولية واسعة؛ إذ وصفت الحكومة القطرية الضربة بأنها "انتهاك صارخ لقواعد ومبادئ القانون الدولي"، وردّد هذا الموقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم وغيرهما.

أوضح موقع ذا كونفرزيشن أنّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش وصف الهجوم بأنه "انتهاك فاضح للسيادة والسلامة الإقليمية لدولة قطر". وأكد رئيسا وزراء بريطانيا وأستراليا الموقف ذاته، فيما عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رغم كونه الحليف الأوثق لإسرائيل، عن ابتعاده عن العملية قائلاً إن "قصف قطر أحادياً، وهي دولة ذات سيادة وحليف مقرّب من الولايات المتحدة، لا يخدم أهداف إسرائيل ولا أمريكا".

 

التبرير الإسرائيلي

برّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الضربة باعتبارها رداً على هجومين: إطلاق نار في القدس قتل ستة أشخاص، وهجوم على معسكر للجيش في غزة قتل أربعة جنود. وقال إن "حماس تباهت بمسؤوليتها عن هذه العمليات… هؤلاء هم الإرهابيون أنفسهم الذين خططوا ونفذوا واحتفلوا بمجازر 7 أكتوبر".

 

القانون الدولي ومفهوم الدفاع عن النفس

تنص المادة الثانية (4) من ميثاق الأمم المتحدة على حظر استخدام القوة ضد "السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة". ولا يجيز القانون الدولي اللجوء إلى القوة إلا في حالتين: تفويض من مجلس الأمن، أو ممارسة حق الدفاع عن النفس وفق المادة 51.

يثير ذلك سؤالاً: هل يتيح القانون لإسرائيل ادعاء الدفاع عن النفس ضد قيادات حماس الموجودة في قطر إذا ثبت أنها خططت لهجمات ضد مدنيين وجنود إسرائيليين؟

الإجابة معقدة. فمحكمة العدل الدولية شدّدت مراراً على أهمية السيادة الإقليمية، وقيّدت ممارسة الدفاع عن النفس بالهجمات المسلحة التي تُنسب إلى دولة، وليس مجرد جماعات غير حكومية تعمل من أراضيها.

 

ما بعد 11 سبتمبر 

بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، ادعت الولايات المتحدة ودول أخرى أن بوسعها استخدام القوة دفاعاً عن النفس ضد جماعات إرهابية تنشط من أراضي دولة أخرى حتى لو لم تشارك تلك الدولة مباشرة. وفي مواجهة هذا التوجه، اقترح الخبير القانوني البريطاني دانيال بيتلهِم مجموعة مبادئ لتقييد التوسع في تفسير المادة 51.

تقول "مبادئ بيتلهِم" إن الدفاع عن النفس قد يشمل هجمات فعلية أو وشيكة من جماعات إرهابية، لكن بشرطين: الضرورة (أي استحالة وجود بديل غير القوة) والتناسب (أي ملاءمة حجم الرد مع طبيعة التهديد). كما تؤكد القاعدة أنّ استخدام القوة في أراضي دولة أخرى يستلزم موافقتها، باستثناء حالتين ضيقتين: إذا تواطأت الدولة مع الجماعة أو إذا عجزت أو رفضت منعها.

 

الإشكاليات في حالة قطر

تقول إسرائيل إن قيادة حماس في الخارج، سواء في قطر أو لبنان أو إيران، جزء من البنية التي توجه الهجمات ضدها. لكن هذا الادعاء لا يكفي بمفرده لتبرير الدفاع عن النفس وفق مبادئ بيتلهِم. وباعتراف نتنياهو نفسه، هدف الضربة كان انتقاميا لا لصد هجوم وشيك، ما يضعف شرعية التذرع بالدفاع عن النفس.

يثير السياق الدبلوماسي أسئلة أخرى حول التناسب، إذ وقعت الغارة في حي يضم مقار دبلوماسية وسكانية حساسة، ما يزيد احتمالات الأضرار الجانبية. كما أنّ استهداف قيادات سياسية داخل دولة ثالثة تتوسط في النزاع، يطرح تساؤلات حول ما إذا كان استخدام القوة هو الخيار الوحيد المتاح للتعامل مع تهديدات حماس.

لكي تبرر إسرائيل موقفها، يجب أن تثبت أنّ قطر إما متواطئة مع حماس أو عاجزة أو رافضة لوقف نشاطها، وأنه لا توجد وسيلة أخرى فعالة غير القوة. لكن الواقع يُظهر تناقضًا: فبينما تستضيف قطر مكتب حماس منذ 2012 وتدعمها ماليًا، تلعب في الوقت نفسه دور الوسيط الرئيسي بين الطرفين منذ هجمات أكتوبر. هذا الدور الوسيط يشير إلى وجود بدائل معقولة بخلاف العمل العسكري.

من دون تفويض من مجلس الأمن، تبدو الغارة الإسرائيلية على قطر انتهاكًا للسيادة الإقليمية وربما عملاً من أعمال العدوان وفق ميثاق الأمم المتحدة. ويعزز هذا الاستنتاج التوجه الحذر لمحكمة العدل الدولية في قضايا الدفاع عن النفس ضد جماعات غير حكومية، إضافة إلى اشتراطها الصارم لمبدأي الضرورة والتناسب، وكلاهما لا يظهر أنّ إسرائيل التزمت بهما في هذه الحالة.
https://theconversation.com/can-israel-use-self-defence-to-justify-its-strike-on-qatar-under-the-law-264975